كتب محمد الحجار من مدينة غزة المحتلة وحذيفة فايز في تقرير نشره موقع ميدل إيست آي أن الروبوتات المتفجرة التي تسيّرها إسرائيل عن بعد تحوّلت إلى سلاح رئيسي في هجومها الأخير على غزة، مسببة دمارًا هائلًا ورعبًا واسعًا بين السكان. وأوضح أن هذه المركبات المفخخة تدخل الأحياء المكتظة وتنفجر فيها، لتسوي مباني كاملة بالأرض وتدفع آلاف الفلسطينيين إلى النزوح.
أفاد الموقع أن قوات الاحتلال بدأت منذ منتصف أغسطس في استخدام مئات من ناقلات الجنود القديمة بعد تفخيخها بكميات هائلة من المتفجرات تصل أحيانًا إلى سبعة أطنان. تُدار هذه الآليات عن بعد، وتُرسل إلى الشوارع الضيقة داخل غزة، حيث تُفجّر فتدمر أحياء بكاملها. وفي حالات أخرى، تُلقي براميل متفجرة على طول الطرق قبل تفجيرها جميعًا دفعة واحدة، مما يضاعف من شدة الانفجارات.
روى المواطن حمزة شعبان، البالغ من العمر 35 عامًا، كيف استيقظ في الهواء بعدما أطاح به انفجار هائل من فراشه. قال إنه شاهد الروبوت يبعد عنه مئة متر فقط قبل أن يقع انفجار آخر قذفه مترين بعيدًا عن النافذة. وأضاف أن أصوات الشظايا والركام وهي تضرب كل شيء كانت مرعبة إلى حد لا يُطاق. وأوضح أن الانفجارات تبدأ عادة في وقت متأخر من الليل، من الثامنة إلى الحادية عشرة، وأن السكان يسمعون ما بين ثمانية وعشرة انفجارات كل ليلة.
أكد شعبان أن هذه التفجيرات تختلف جذريًا عن غارات الطائرات الحربية التي عاشها سابقًا، إذ وصف الروبوتات بأنها "أكثر تدميرًا من الضربات الجوية". وأوضح أن المباني المؤلفة من عدة طوابق تتحول إلى ركام بلا أثر يذكّر بوجودها السابق، على عكس الغارات التي تترك هياكل مهدمة أو طوابق باقية.
لفت التقرير إلى أن إسرائيل كثفت هذه الهجمات بعد أن ألغت اتفاقًا لوقف إطلاق النار كان قد حظي بموافقة الطرفين، وبدلًا من ذلك صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي على خطة لاحتلال قطاع غزة، بدءًا من الاستيلاء على مدينة غزة. ومنذ ذلك الحين، دمّرت الانفجارات اليومية نحو 300 وحدة سكنية بحسب تقديرات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الذي اعتبر أن سرعة وتيرة التفجيرات تهدف إلى "محو المدينة عن الخريطة".
وأشار المرصد إلى أن استمرار هذا المعدل يعني دمار ما تبقى من غزة خلال شهرين فقط، وربما أقل، في ظل القوة النارية الإسرائيلية وغياب أي ضغط دولي جدي لوقف ما وصفه بالجرائم ضد الفلسطينيين. وذكرت تقارير إسرائيلية أن الجيش ضاعف استخدام الروبوتات المتفجرة ثلاث مرات خلال الأسابيع الأخيرة، وأرسل مئات أخرى إلى غزة، في محاولة لتقليل المواجهة المباشرة مع المقاتلين الفلسطينيين وحماية جنوده من الخسائر البشرية.
أوضح التقرير أن الانفجارات الهائلة تسمع في بعض الأحيان على بعد أكثر من مئة كيلومتر من غزة، ما يبرز شدتها. وأشار فلسطينيون إلى أن الهدف يتجاوز التدمير المادي إلى الحرب النفسية، لإجبار السكان على النزوح الجماعي. بالفعل، فرّ شعبان نفسه من منزله في شرق غزة بعدما اقتربت الانفجارات، قائلاً إن الأصوات المدوية تجعله وعائلته غير قادرين على البقاء.
أضاف أن المشهد في اليوم التالي يكشف حجم الكارثة: شوارع كاملة تحولت إلى غبار وحجارة صغيرة بلا أي أثر لمعالمها السابقة. وتكررت هذه المشاهد في مخيم جباليا العام الماضي، عندما أبلغ السكان عن استخدام واسع لهذه الروبوتات، ثم توسع انتشارها في رفح وشمال غزة لتدمير أحياء بأكملها.
كشف التقرير أن بيانات الأمم المتحدة تشير إلى أن إسرائيل دمّرت حتى يوليو نحو 78 في المئة من مباني قطاع غزة، أي ما يقارب 283 ألف وحدة سكنية متضررة. كما نزح تقريبًا جميع سكان القطاع مرات عدة منذ بدء الإبادة في أكتوبر 2023، عندما أجبرت إسرائيل سكان مدينة غزة على النزوح جنوبًا. واليوم تعيد القوات الإسرائيلية تكرار النداءات نفسها في محاولة أخرى لإفراغ المدينة من سكانها.
واختتم الكاتبان بالإشارة إلى أن هذه الاستراتيجية القائمة على "الإبادة بالتحكم عن بعد" لا تقتصر على إحداث دمار مادي غير مسبوق، بل تستهدف كذلك محو غزة كمدينة مأهولة، وتحويلها إلى أنقاض خالية في ظل غياب أي مساءلة دولية.
https://www.middleeasteye.net/news/genocide-remote-control-israeli-explosive-robots-devastate-gaza